بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر
رئيس قسم الأدب ✍🏻
في الحياة حفرتان : حفرة ترفعك إلى السماء ، وحفرة تدفنك في الظلام .
- الأولى هي حفرة الشهادة التي تُعْرج بأصحابها إلى جنات الخلد ، حيث يلتقون بالملائكة والأنبياء .
- والثانية هي حفرة الخذلان التي يسقط فيها الإنسان وهو يرى الظلم ويصمت ، أو يشاهد الموت ولا يتحرك. اليوم ، في غزة ، يصعد الأطفال والنساء والشيوخ إلى السماء جراء القصف والدمار ، بينما يسقط الكثيرون في حفرة الخذلان وهم يتفرجون على المأساة.
💧حفرة العروج : عندما يكون الموت حياه
في الثقافة الإسلامية ، الموت ليس نهاية ، بل هو بوابة للعروج إلى الله. الشهيد لا يموت ، بل يحيا عند ربه يرزق. وفي غزة ، نرى وجوهاً تزهق أرواحها وهي صائمة مصلية ، وأجساداً تُدفن تحت الأنقاض وهي ممسكة بالمصحف. هؤلاء لم يسقطوا في حفرة الموت، بل ارتفعوا إلى حفرة العروج ، حيث قال الله تعالى : "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ" (آل عمران: 169).
لكن ما يزيد المأساة ألماً هو أن هؤلاء الشهداء يُقتلون وهم يُنظر إليهم من قبل عالم صامت ، عالم يعرف الحق ويختار الصمت.
💧حفرة الخذلان : السقوط الأخلاقي للأمة
أما الحفرة الثانية ، فهي أعمق وأخطر ، لأنها لا تقتل الجسد ، بل تقتل الضمير. إنها حفرة الخذلان التي يسقط فيها من يشاهد الموت ولا يتحرك ، من يرى الدماء ولا يغضب ، من يسمع الصرخات ولا يستجيب.
اليوم ، العالم بأسره يتفرج على غزة ، وكأن الأمر لا يعنيه. الحكومات تصمت ، والشعوب تتفرج ، والإعلام يتلاعب بالحقائق. والأشد ألماً أن بعض أبناء الأمة نفسها يبررون العدوان أو يتجاهلونه ، وكأن الدم الفلسطيني رخيص.
💧غزة .. تصعد إلى السماء والأرض تخذلها
في غزة ، يصعد الشهداء إلى السماء وهم عطشى ، جوعى، منهكون ، لكنهم مرفوعو الرؤوس. يقولون للعالم : "نحن نموت ، ولكننا لا نستسلم". وفي المقابل ، هناك من يسقط في حفرة الخذلان ، حيث العار والندامة.
لقد أصبحت غزة اختباراً للضمير الإنساني. كل إنسان على وجه الأرض يُسأل اليوم : أين كنتِ حين قُتلت غزة ؟ هل كنتِ في صف الشهداء ، أم في صف المتفرجين ؟
🩸الخاتمة : لن ننسى ولن نسكت
إلى شهداء غزة ، نقول : لقد ارتفعتم إلى السماء ، وسنظل نحمل قضيتكم هنا على الأرض.
وإلى المتفرجين ، نقول : إن حفرة الخذلان عميقة ، ومن سقط فيها لن يخرج منها بكرامة.
وإلى الله المشتكى ، نرفع أكف الضراعة : "حسبنا الله ونعم الوكيل". غزة تموت اليوم ، لكنها تلد أجيالاً لن تنسى ، ولن تسكت. لأن الدم الذي يسيل اليوم سيصبح غداً شعلة تحرق كل ظالم ، وكل خاذل.
"فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" (الشرح: 5-6).
سنلتقى إن كان فى العمر بقيه
إرسال تعليق
0تعليقات